خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 16 رمضان المبارك 1444 هـ ، الموافق 7 أبريل 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 7 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر : كما يلي:
أولًا: الإسلامُ دينُ السكينةِ والطمأنينةِ
ثانيًا: وسائلُ اكتسابِ السكينةِ والطمأنينةِ
ثالثًا: فضلُ العشرِ الأواخرِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 7 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر : كما يلي:
خطبةٌ بعنوان: السكينةُ والطمأنينةُ في القرآنِ الكريمِ وفضائلُ العشرِ بتاريخ: 16 رمضان 1444هـ – 7 إبريل 2023م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر
أولًا: الإسلامُ دينُ السكينةِ والطمأنينةِ
إنَّ الدينَ الإسلاميَّ دينُ السكينةِ والطمأنينةِ، فبمجردِ أنْ ينخلعَ العبدُ مِن ظلماتِ الكفرِ والشركِ والضلالِ، ويدخلَ في الدينِ الإسلامِي الحنيفِ، فإنَّ قلبَهُ يمتلئُ بالسكينةِ والطمأنينةِ. قال اللهُ تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل : 106]. روي أنَّ هذه الآيةَ نزلتْ في الصحابِي الجليلِ عمارِ بنِ ياسرٍ رضي اللهُ عنه، فعن مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ثُمَّ تَرَكُوهُ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا وَرَاءَكَ؟» قَالَ: شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ، وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ قَالَ: «كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟» قَالَ: مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ قَالَ: «إِنْ عَادُوا فَعُدْ». ( الحاكم وصححه ووافقه الذهبي).
وقد صورَ القرآنُ الكريمُ الكفرَ بالظلمةِ، والإسلامَ بالنورِ فقالَ تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. (البقرة: 257)، وذلك لأنَّ الإيمانَ سبيلٌ إلى سكينةِ النفسِ وطمأنينةِ القلبِ وانشراحِ الصدرِ، قالَ تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}. [الأنعام : 125].
فكلَّمَا بعدتَّ عن اللهِ والعبادةِ والطاعةِ والإيمانِ كنتَ في ضيقٍ وغمٍّ وقلقٍ نفسيٍّ وتوترٍ وضنكٍ، والشفاءُ والعلاجُ في صلتِكَ باللهِ، قالَ تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى }( طه: 124 – 126 ).
إنَّ الحياةَ بدونِ سكينةٍ وطمأنينةٍ خاويةُ الروحِ، مظلمةُ الفكرِ، منتنةُ الطبعِ، متعفنةُ الفطرةِ، مرةُ المذاقِ، ولا أدلَّ على ذلك مِن حالاتِ الناسِ في تلك المجتمعاتِ التي فقدتْ السلطانَ الروحي؛ حيثُ يندفعُ الكثيرُ منهم إلى الانتحارِ نتيجةَ القلقِ النفسِي، فالإيمانُ باللهِ تعالى يغرسُ في النفسِ السكينةَ والطمأنينةَ التي بها يحفظُ التوازنَ بينَ مطالبِ الجسمِ ورغائبِ الروحِ، وبينَ دوافعِ الغرائزِ ودواعِي الضمائرِ، وبينَ تطلعاتِ العقلِ وأشواقِ القلبِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر
ثانيًا: وسائلُ اكتسابِ السكينةِ والطمأنينةِ
كثيرٌ منَّا يبحثُ عن السكينةِ والطمأنينةِ والسعادةِ، واكتسابُ ذلك يكونُ بعدةِ عواملٍ ووسائلٍ منها:
الإكثارُ مِن ذكرِ اللهِ تعالى: ويدلُّ على ذلك قولُهُ تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. ( الرعد: ٢٨ ). وقولُ النبيِّ ﷺ كما في حديثِ أبي موسى : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». ( البخاري ) ، فذكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ فيه حياةٌ للقلبِ وطمأنينةٌ وسكينةٌ، فيزدادُ إيمانُ العبدِ كلمَا أكثرَ مِن ذكرِ ربِّه، فعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: “تَعَالَ حَتَّى نُؤْمِنَ سَاعَةً”. قَالَ: أَوَلَسْنَا بِمُؤْمِنَيْنِ؟ قَالَ: ” بَلَى، وَلَكِنَّا نَذْكُرُ اللهَ فَنَزْدَادُ إِيمَانًا”.(شعب الإيمان للبيهقي).
وقال عميرُ بنُ حبيبٍ : ” الإيمانُ يزيدُ وينقصُ . فقيلَ فما زيادتُهُ وما نقصانُهُ ؟ قال : إذا ذكرنَا ربَّنَا وخشينَاهُ فذلك زيادتُه ، وإذا غفلنَا ونسيناهُ وضيعنَا فذلك نقصانُهُ ”. [ انظر الإيمان لابن أبي شيبة ] .
ومنها : حضورُ مجالسِ العلمِ والوعظِ والتذكيرِ: فكلّمَا كانَ الإنسانُ حريصًا على حضورِ مجالسِ الوعظِ والتذكيرِ والخطبِ والدروسِ كلّمَا ازدادَ طمأنينةً وسكينةً، ولذلك تجدُ الرجلَ عندَ سماعِ درسِ الجنازةِ – مثلًا – يزدادُ إيمانًا وخشوعًا وتقوى وطمأنينةً، فإذا خرجَ وانشغلَ بمتطلباتِ الحياةِ نسيَ كثيرًا، وهذا ما وجدَهُ الصحابةُ في عهدِ الرسولِ ﷺ، فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ:” لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ ﷺ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”( مسلم).
والضيعاتُ: هي معاشُ الرجلِ مِن مالٍ أو حرفةٍ أو صناعةٍ.
ومنها : قراءةُ القرآنِ الكريمِ: كما في الحديثِ: « وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ». (مسلم)، وهو ما تحقق لبعض الصحابة، فعن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «اقْرَأْ فُلاَنُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ». (البخاري).
وروي أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ، إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، قَالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي، إِذْ جَالَتْ فَرَسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ». (مسلم).
ومنها: عمارةُ المساجدِ والسعي إلى الصلاةِ: قال تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً}.(النساء 103). وفي الحديثِ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».(البخاري). فالصلاةُ طمأنينةٌ وراحةٌ نفسيةٌ، وكان ﷺ إذا حزبَهُ أمرٌ فزعَ إلى الصلاةِ ويقولُ: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا».(أبوداود بسند صحيح).
ومنها: البعدُ عن المعاصِي: لأنّ المعاصِي سببٌ في ضيقِ الرزقِ وكثرةِ الهمِّ والحزنِ والفقرِ والمرضِ، وجلبِ التوترِ والقلقِ النفسِي؛ وما أجملَ مقولةَ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ: ” إنَّ للحسنةِ ضياءً في الوجهِ، ونورًا في القلبِ، وسعةً في الرزقِ، وقوةً في البدنِ، ومحبةً في قلوبِ الخلقِ، وإنَّ للسيئةِ سوادًا في الوجهِ، وظلمةً في القبرِ والقلبِ، ووهنًا في البدنِ، ونقصًا في الرزقِ، وبغضةً في قلوبِ الخلقِ. ” ( الداء والدواء لابن القيم ).
وبالجملةِ: فإنَّ لزومَ الطاعاتِ والبعدَ عن المعاصِي والسيئاتِ مِن أهمِّ عواملِ اكتسابِ الطمأنينةِ والسكينةِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر
ثالثًا: فضلُ العشرِ الأواخرِ
للعشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ فضلٌ عظيمٌ عندَ اللهِ تعالى، وقد ذكرَهَا اللهُ في قولِهِ:{وَالْفَجْرِ؛ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر: 1 ؛ 2)، وقد ذهبَ كثيرٌ مِن المفسرين إلى أنَّها العشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ؛ لذلك كان يجتهدُ فيها النبيُّ ﷺ بالطاعةِ والعبادةِ والقيامِ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ”(متفق عليه). قال الإمامُ ابنُ حجرٍ:” أيْ سهرَهُ فأحياهُ بالطاعةِ وأحيا نفسَهُ بسهرِهِ فيهِ؛ لأنَّ النومَ أخو الموتِ، وأضافَهُ إلى الليلِ اتساعًا؛ لأنَّ القائمَ إذا حيي باليقظةِ أحيا ليلَهُ بحياتِهِ.”(فتح الباري)، وشدُّ المئزرِ كنايةٌ عن بلوغِ الغايةِ في اجتهادهِ عليه السلامُ في هذه العشرِ.
وعَن عَائِشَةَ قَالَت: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِا”( مسلم)؛ يقولُ الإمامُ النوويُّ:” يستحبُّ أنْ يزادَ مِن الطاعاتِ في العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ، واستحبابُ إحياءِ لياليهِ بالعباداتِ”.
وقد سارتْ قوافلُ الصالحينَ تقفُ عندَ العشرِ وقفةَ جدٍ وصرامةٍ، تمتصُّ مِن رحيقِهَا وتنهلُ مِن معينِهَا، وترتوي مِن فيضِ عطاءاتِهَا، وتعملُ فيها ما لا تعملُ في غيرِهَا، حتى صنعتْ هذه العشرُ رجالًا ترَبُّوا على الطاعةِ والإيمانِ.
يقولُ أبو عثمانَ النهدِي: «كانُوا يعظمُون ثلاثَ عشراتٍ: العشرُ الأولُ مِن محرمٍ، والعشرُ الأولُ من ذي الحجةِ، والعشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ». ومِن شدةِ تعظيمِهِم لهذه الأيامِ كانوا يتطيبُون لها ويتزينُون، قال ابنُ جريرٍ: كانوا يستحبُون أنْ يغتسلُوا كلَّ ليلةٍ مِن ليالِي العشرِ الأواخرِ، وكان النخعيُّ يغتسلُ كلَّ ليلةٍ!
وكان ثابتُ البناني وحميدُ الطويلُ يلبسانِ أحسنَ ثيابِهِمَا ويتطيبانِ ويطيبانِ المسجدَ بالنضوحِ في الليلةِ التي تُرجَى فيها ليلةُ القدرِ. قال ثابتٌ: وكان لتميمِ الداريِّ حلةٌ يلبسُهَا في الليلةِ التي تُرجَى فيها ليلةُ القدرِ.
هكذا كانوا تعظيمًا لهذه العشرِ، واجتهادًا في العبادةِ، فأين نحنُ مِن قومٍ كانوا أنضاءَ عبادةٍ وأصحابَ سهرٍ؟!
تابع / خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بعنوان : السكينة والطمأنية في القرآن الكريم وفضائل العشر
فعليكم بالجدِّ والاجتهادِ في هذه العشرِ بالقيامِ وقراءةِ القرآنِ، والذكرِ والدعاءِ والصدقاتِ وسائرِ القرباتِ، فهذه فرصةٌ لن تعوضَ ولن تعودَ، وقبل أنْ نندمَ ولا ينفعُ الندمُ!! {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ؛ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(المؤمنون: 99 ؛ 100).
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: في هذه الليلةِ المقبلةِ ليلةِ السابعِ عشر مِن رمضانَ، نعيشُ ذكرى انتصاراتِ غزوةِ بدرٍ الكبرى، والتي حقّقَ فيها المسلمونَ انتصارًا عظيمًا على جيشِ الكفرِ والشركِ، وإذا كانَ اللهُ قد أنعمَ عليكُم بنعمةِ الأمنِ والأمانِ والاستقرارِ ونحن في دارِ أمنٍ وأمانٍ، فإنَّ أعظمَ نصرٍ نحققُهُ في هذا الشهرِ الفضيلِ هو الانتصارُ على النفسِ والشيطانِ، لأنَّ الحربَ معهما قديمةٌ متجددةٌ إلى قيامِ الساعةِ، فهذا إبليسُ اللعينُ أقسمَ بعزةِ اللهِ أنَّهُ ساعٍ في إغواءِ بنيِ آدمَ إلى يومِ الدينِ: { قاَلَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المْخْلَصِينَ}. (ص: 83) . وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ” قَالَ إِبْلِيسُ: أَيْ رَبِّ !! لَا أَزَالُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ . قَالَ: فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي ” . (أحمد والحاكم وصححه). فأعداءُ الإنسانِ كثيرون، كما قال الشاعرُ :
إِنِّي ابْتُلِيتُ بِأَرْبَعٍ مَا سُلِّطُـوا ………… إِلَّا لِشِـدَّةِ شَقْوَتِي وَعَنَــائِي
إِبْلِيسُ وَالدُّنْيَا وَنَفْسِي وَالْهَوَى …….. كَيْفَ الخْلاَصُ وَكُلُّهُمْ أَعْدَائِي
وهكذا بالعبادةِ والطاعةِ ومجاهدةِ النفسِ والشيطانِ، يعيشُ الإنسانُ في طمأنينةٍ وسكينةٍ، ويسعدُ في دنياه وأخراه.
نسألُ اللهَ أنْ يتقبلَ منَّا صيامنَا وقيامنَا، وأنْ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف